يواجه رواد الأعمال تحديات هائلة عند السعي لتحقيق الابتكار والنمو الاقتصادي، بما في ذلك تأمين الاستثمارات، تحسين تخصيص الموارد، وتخفيف المخاطر في شركاتهم.
التحليل المالي هو القلب النابض لأي مؤسسة، حيث يوفر الأدوات القوية لرواد الأعمال والمحاسبين لقياس الصحة المالية وتحديد مجالات التحسين. كما يقدم للمستثمرين المحتملين رؤية شاملة للوضع المالي لأي شركة تثير اهتمامهم.
في هذه المقالة، سنقدم لك دليلاً شاملاً للتحليل المالي، يلبي احتياجات كل من رواد الأعمال الطموحين والمحاسبين المخضرمين. ستتعرف على المفاهيم الأساسية والتقنيات الضرورية التي ستساعدك في إجراء تحليل مالي متقن واتخاذ قرارات مالية أكثر ذكاءً.
ما هو مفهوم التحليل المالي؟
يشير التحليل المالي إلى عملية تقييم وتفسير المعلومات المالية لاكتساب نظرة ثاقبة على الأداء المالي للشركة ووضعها الاقتصادي، ويتضمن تقييم البيانات المالية ومؤشرات الأداء الرئيسية KPIs والنسب والتوجهات والبيانات الأخرى ذات الصلة لفهم الصحة المالية والربحية والكفاءة التشغيلية والمخاطر المرتبطة بالكيان الذي يجري تحليله.
ويعمل هذا التحليل كأداة حيوية لاتخاذ قرارات تجارية صائبة، وصياغة الإستراتيجيات، وتقييم الجدوى المالية الشاملة لعمل المؤسسة، كما يساعد رواد الأعمال والمحاسبين والمستثمرين والمقرضين والمديرين على تقييم الأداء المالي الماضي والحاضر والمستقبلي للمؤسسة، مع تحديد نقاط القوة والضعف فيها، وتحديد مجالات التحسين.
أهمية التحليل المالي
التحليل المالي يمثل حجر الزاوية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية لأي شركة أو مؤسسة. تكمن أهميته في أنه يوفر فهماً عميقاً للحالة المالية للشركة، مما يساعد على تحديد مدى كفاءة استخدام الموارد وتحقيق الأهداف المالية. من خلال التحليل المالي، يمكن للإدارة تحديد نقاط القوة التي يمكن البناء عليها، وكذلك تحديد نقاط الضعف التي قد تحتاج إلى تحسين أو إعادة توجيه.
أهمية التحليل المالي تتجاوز مجرد الفهم الداخلي، إذ يلعب دوراً محورياً في تواصل الشركة مع المستثمرين والمقرضين. المستثمرون يعتمدون بشكل كبير على التحليل المالي لتقييم فرص الاستثمار واتخاذ قرارات مستنيرة، مما يزيد من الثقة في الشركة ويعزز قدرتها على جذب الاستثمارات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر التحليل المالي على شروط الاقتراض، حيث يمكن أن يؤدي تقديم تقارير مالية دقيقة وشاملة إلى تحسين شروط القروض وتقليل تكلفة رأس المال.
من جانب آخر، يُعتبر التحليل المالي أداة حاسمة في تحديد وتقييم المخاطر المالية. من خلال تحليل الأداء المالي السابق وتوقع الأداء المستقبلي، يمكن للشركات وضع خطط للتعامل مع التحديات المحتملة، مثل تقلبات السوق أو تغييرات في أسعار الفائدة. هذه القدرة على التنبؤ واتخاذ التدابير الوقائية تعتبر ضرورية للحفاظ على استدامة الأعمال في بيئة اقتصادية متغيرة.
أخيراً، يسهم التحليل المالي في تحسين الكفاءة التشغيلية للشركات. من خلال تقديم صورة واضحة عن الأداء المالي، يمكن للإدارة اتخاذ قرارات تستند إلى بيانات دقيقة، مما يساعد في تحسين العمليات وتقليل التكاليف وزيادة الربحية. وبالتالي، فإن التحليل المالي ليس مجرد أداة محاسبية، بل هو عنصر أساسي في تحقيق النجاح المالي والاستدامة على المدى الطويل.
5 أهداف رئيسة للتحليل المالي
للتحليل المالي أهداف كثيرة تختلف باختلاف الهدف من إجراء التحليل، ومن هذه الأهداف نذكر:
- تقييم الأداء المالي: يهدف هذا التحليل إلى تقييم الأداء المالي للمنظمة أو المشروع؛ بما يشتمل على تحليل القوائم المالية مثل قائمة الدخل والميزانية العمومية وقائمة التدفق النقدي، لتقييم عوامل مثل الربحية والسيولة والملاءة والكفاءة المالية. ومن خلال فهم الصحة المالية للمؤسسة، يمكن لأصحاب المصلحة اتخاذ الإجراءات اللازمة.
- تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء المالي للمؤسسة: يساعد هذا التحليل على تحديد نقاط القوة والضعف في المركز المالي للمؤسسة؛ بما ينطوي على فحص النسب المالية الرئيسة والتوجهات لفهم المجالات التي تتفوق فيها المؤسسة والمجالات التي تتطلب التحسين. ومن خلال تحديد نقاط القوة والضعف، يمكن لرواد الأعمال الاستفادة من المزايا التنافسية، ومعالجة نقاط الضعف لتحسين الأداء المالي لمؤسساتهم.
- تقييم فرص الاستثمار: يهدف هذا التحليل إلى تقييم فرص الاستثمار في المؤسسة؛ وسواء أكان الأمر يتعلق بتقييم أصول المؤسسة لمعرفة إمكانية تنفيذ مشروع جديد، أو تحليل جدوى مشروع قائم، أو تقييم خيارات الاستثمار، يوفر هذا التحليل نظرة ثاقبة للمخاطر والعوائد المرتبطة بالقرارات الاستثمارية.
- تسهيل عملية اتخاذ القرار: من خلال تحليل البيانات والتوقعات المالية للشركة، يمكن لرواد الأعمال اتخاذ أفضل القرارات ذات الصلة بتخصيص الموارد وإستراتيجيات التسعير والقرارات الاستثمارية وخطط التوسع والاقتراض وإعادة الهيكلة المالية: إذ يساعدهم هذا التحليل في فهم الآثار المالية المحتملة للخيارات المختلفة، واختيار مسار العمل الأنسب.
- مراقبة الأداء المالي للمؤسسة والتحكم فيه: من خلال تحليل البيانات المالية بانتظام، يمكن لرواد الأعمال والمحاسبين تتبع التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف المالية، وتحديد الانحرافات، واتخاذ الإجراءات التصحيحية عند الاقتضاء.
ما هي أنواع التحليل المالي؟
للتحليل المالي أنواع مختلفة من التحليلات التي توفر رؤى حول الجوانب المختلفة للأداء المالي للشركات. فيما يلي بعض الأنواع الشائعة:
- تحليل النسب: يتضمن التحليل المالي باستخدام النسب المالية حساب وتفسير النسب المالية المشتقة من البيانات المالية. يساعد هذا التحليل على تقييم العلاقة بين المتغيرات المالية المختلفة، ويقدم رؤى حول السيولة التي تمتلكها الشركات والربحية والملاءة والكفاءة والصحة المالية العامة. تتضمن أمثلة النسب نسبة السيولة ونسبة النشاط ونسبة الربحية ونسبة المديونية ونسبة السوق.
- تحليل الاتجاه: يتضمن تحليل الاتجاه فحص البيانات المالية على مدى فترة زمنية لتحديد الأنماط والاتجاهات والتغييرات في المقاييس المالية الرئيسة. ويساعد على تتبع أداء المتغيرات المالية المختلفة وتقييم اتجاه وحجم التغييرات. ومن خلال تحديد الاتجاهات، يمكن لأصحاب المصلحة فهم المسار المالي للشركة وتوقع النتائج المستقبلية.
- التحليل المقارن: يتضمن التحليل المقارن مقارنة الأداء المالي للشركة ومركزها قياسًا إلى نظرائها أو منافسيها أو معايير الصناعة. ويساعد في تحديد مجالات القوة والضعف بالنسبة للآخرين، ويوفر نظرة ثاقبة لوضع الشركة في السوق. كما قد يتضمن مقارنة النسب المالية أو معدلات النمو أو مقاييس الربحية أو المؤشرات المالية الأخرى ذات الصلة.
- تحليل التدفقات النقدية: يركز هذا التحليل المالي المتقدم على تقييم التدفقات النقدية الداخلة والخارجة من الشركة خلال فترة زمنية محددة. ويساعد في تقييم قدرة الشركة على توليد وإدارة النقد؛ وهو أمر بالغ الأهمية لعملياتها واستثماراتها والتزاماتها ذات الصلة بالديون. يتضمن تحليل التدفق النقدي تحليل بيان التدفق النقدي، وفحص الأنشطة التشغيلية والاستثمارية والتمويلية، وتقييم معدلات التدفق النقدي مثل معدلات التدفق النقدي التشغيلي إلى المبيعات أو معدلات تغطية التدفق النقدي.
- التحليل المالي الأفقي والتحليل الرأسي: عند مراجعة الحالة المالية للشركة، يوجد نوعان شائعان من التحليلات المالية، وهما التحليل الأفقي والتحليل الرأسي. يستلزم التحليل الأفقي اختيار عدة سنوات من البيانات المالية القابلة لإجراء المقارنة؛ إذ يجري اختيار سنة واحدة كخط أساس، وغالبًا ما تكون الأقدم. بعد ذلك، تجري مقارنة كل حساب لكل سنة لاحقة بخط الأساس هذا؛ مما يؤدي إلى إنشاء نسبة مئوية تحدد بسهولة الحسابات التي تنمو، والحسابات التي تتقلص.أما التحليل الرأسي فيستلزم اختيار بند مرجعي، ثم يجري رؤية كيفية مقارنة كل مكون آخر في البيان المالي بهذا المعيار. في أغلب الأحيان، يجري استخدام صافي المبيعات كمعيار. ثم تقارن الشركة بعد ذلك تكلفة البضائع المبيعة أو إجمالي الربح أو الربح التشغيلي أو صافي الدخل كنسبة مئوية إلى هذا المعيار. يمكن للشركات بعد ذلك تتبع كيفية تغير النسبة مع مرور الوقت.
- تحليل المخاطر: يتضمن تحليل المخاطر تقييم المخاطر المالية المرتبطة بعمليات الشركة أو استثماراتها أو قراراتها المالية. تشمل عوامل التقييم عناصر مثل مخاطر السوق، ومخاطر التخلف عن السداد، ومخاطر التشغيل، ومخاطر السيولة. يساعد تحليل المخاطر رواد الأعمال على فهم التأثير المحتمل للمخاطر على الأداء المالي لشركاتهم، ووضع إستراتيجيات لتخفيفها أو إدارتها بفاعلية.
10 خطوات لإجراء تحليل مالي
لإجراء تحليل مالي، تتبنى الشركات عادة منهجية منظمة لجمع البيانات المالية وتحليلها وتفسيرها. ولأنَّ تفاصيل العملية قد تختلف باختلاف سياق التحليل وأهدافه، سنذكر هنا أهم الخطوات الشائعة:
- تحديد الغرض من التحليل ونطاقه: هنا يجري تحديد الأهداف، مثل تقييم الربحية أو تقييم السيولة أو مقارنة الأداء المالي للشركة بمعايير الصناعة.
- جمع البيانات المالية: بما يتضمن بيانات مثل قائمة الدخل والميزانية العمومية وقائمة التدفقات النقدية. وبالإضافة إلى ذلك، يجري جمع أي بيانات أو معلومات أخرى قد تكون ضرورية لإجراء التحليل، مثل بيانات الصناعة أو اتجاهات السوق أو المؤشرات الاقتصادية.
- تنظيم ومراجعة البيانات المالية: هنا يجري تنظيم البيانات المالية ومراجعتها للتأكد من دقتها واكتمالها؛ حيث يجري تحديد أي تناقضات أو مسائل تحتاج إلى مزيد من التحقق أو التوضيح.
- حساب النسب المالية: توفر النسب المالية نظرة ثاقبة على جوانب مختلفة من الأداء المالي للشركة، مثل السيولة والربحية والملاءة المالية. تشمل النسب الشائعة نسب السيولة (مثل نسبة رأس المال العامل)، ونسب الربحية (مثل العائد على حقوق المساهمين)، ونسب الكفاءة (مثل دوران المخزون).
- إجراء تحليل الاتجاه: هنا يجري تحليل الاتجاهات والأنماط في البيانات المالية مع مرور الوقت. يتضمن ذلك مقارنة البيانات المالية من فترات متعددة لتحديد التغييرات ومعدلات النمو والتحولات المحتملة في الأداء المالي.
- إجراء تحليل مقارن: تجري هنا مقارنة الأداء المالي للشركة بمعايير الصناعة أو المنافسين. يساعد ذلك في تقييم الوضع النسبي للكيان وأدائه داخل الصناعة أو السوق.
- تفسير النتائج: هنا يجري تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر الرئيسة بناءً على النتائج، ويجري النظر في الآثار المترتبة على التحليل على الصحة المالية للشركة وأدائها، وبعدها يجري اتخاذ القرارات الإستراتيجية.
- الخروج بأفكار وتوصيات: بِناءً على نتائج التحليل، يجري تقديم أفكار وتوصيات ذات مغزى. قد تتعلق هذه التوصيات بمجالات التحسين، وإستراتيجيات تحسين الأداء المالي، وتدابير التخفيف من المخاطر أو زيادة فرص النمو.
- مشاركة التوصيات: هنا يجري إعداد تقرير شامل أو عرض تقديمي يلخص نتائج التحليل وتوصياته؛ بحيث يجري تقديم هذا التقرير بتنسيق بسيط وواضح يمكن للأطراف المعنية فهمه، مثل المديرين التنفيذيين أو المستثمرين أو أصحاب المصلحة.
- المراقبة والتحديث: لأنَّ هذا التحليل هو عملية مستمرة؛ يجب إذًا مراقبة الأداء المالي للشركة باستمرار، وإعادة تقييم التحليل دوريًّا، وتحديث التحليل عند توفر بيانات جديدة. الهدف من هذا هو ضمان أن يظل التحليل ملائمًا ومحدثًا.
في الختام
إذًا كما رأينا، يؤدي التحليل المالي دورًا حاسمًا في فهم وتقييم وتفسير الأداء المالي ووضع الشركات والمؤسسات. لذا من خلال جمع البيانات المالية وتحليلها بأسلوب ممنهج، يمكن لأصحاب المصلحة الحصول على أفكار قيمة في مجالات مثل الربحية والسيولة والملاءة والكفاءة المالية والمخاطر.
ومن خلال فهم الآثار المترتبة على هذا النوع من التحليل، يمكن لرواد الأعمال والمحاسبين وضع إستراتيجيات تخفف المخاطر المحدقة بأعمالهم، وتعزز نموها المستدام.
لكن يبقى من الهام أن ندرك أنَّ إجراء التحليل المالي لا يحدث مرة واحدة؛ بل هو عملية مستمرة؛ ولهذا تعد المراقبة والتحديث وإعادة التقييم المنتظمة من ضرورات التكيف مع ظروف السوق المتغيرة والعوامل الداخلية والخارجية؛ لكي يتمكن رواد الأعمال من إطلاق العنان للإمكانات الحقيقية للبيانات المالية ورسم مسار نحو النجاح المالي والمرونة لشركاتهم.
وأنت، هل تريد بصفتك رائد أعمالٍ أو محاسبًا إجراء تحليل مالي لشركتك بأسهل الطرق وبكفاءة عالية؟ لا تفكر كثيرًا في هذا الأمر؛ فقد جهزت فوم للمحاسبين ورواد الأعمال برنامج محاسبة سحابيًّا يمكِّنهم من فعل ذلك بطريقة سهلة في أي وقت، ومن أي مكان.
برنامج فوم السحابي معتمد من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية، لذا يلتزم بأعلى معايير الجودة والامتثال للمتطلبات التشريعية والتنظيمية، ويقدم أفضل الميزات لك خاصة، فماذا تنتظر لتدير بياناتك المالية في أي وقت ومن أي مكان، وبنفسك؟
قدِّم عليه الآن، واحصل على خصم 90٪ لمدة 6 أشهر، دون أي تكاليف تُذكر.