إعداد الميزانية هو عملية تخطيطية يقوم بها المحاسبون ورواد الأعمال لتحديد الأهداف المالية في مؤسساتهم، وتخصيص الأموال اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. تعد الميزانية أداة هامة للتحكم في الإنفاق وتقليل المخاطر وضمان استمرارية العمل. يجب أن تكون عملية إعداد الميزانية واقعية ومرنة وتتوافق مع الإستراتيجية العامة لكل مؤسسة.
ومن أجل اعداد ميزانية عامة في أي مؤسسة، يجب أن تتوفر لدى المحاسبين والأقسام المحاسبية والمالية مهارات وخبرات تمكِّنهم من أداء هكذا مهمة؛ فالميزانية هي خطة مفصلة تعتمد بشكل أساسي على مسك الدفاتر، وتبين كيف ستنفق المؤسسة أموالها في فترة زمنية محددة، وكيف ستخطط وتُنفذ وتراقب وتُقيِّم أداءها المالي.
في هذا المقال، سنشرح كيفية إعداد ميزانية فعالة في المؤسسات؛ كما سنستعرض بعض الأمثلة والنصائح لتسهيل عملية إعداد الميزانية.
ما هي الميزانية؟
الميزانية هي فن وعلم إدارة الموارد والنفقات لفترة زمنية محددة، وتشمل الإيرادات والنفقات المتوقعة. تُستخدم الميزانية في سياقات مختلفة، سواء لدى الشركات، الحكومات، أو الأفراد. تتضمن الأصول المتداولة مثل النقد، الحسابات المستحقة، الموارد، والخصوم طويلة الأجل مثل القروض طويلة الأجل، وأوراق الدفع.
في الشركات والمؤسسات، الميزانية هي الخطة المالية التي تحدد كيفية تخصيص الموارد المتاحة، مثل الأموال، الوقت، والموارد البشرية، لتحقيق أهداف معينة خلال فترة محددة. تتضمن الميزانية تقديرات للإيرادات المتوقعة من المبيعات ومصادر الدخل الأخرى، وتحديد النفقات المتوقعة للإنتاج أو الخدمات، وتوزيع الموارد بين الأقسام والنشاطات التجارية.
يمكن أن يكون اعداد ميزانية للمؤسسات عملية صعبة ومربكة، لا سيما إذا لم يدفع العملاء في الوقت المحدد أو إذا كانت الإيرادات والمبيعات متقطعة. هناك عدة أنواع من الميزانيات التي تستخدمها المؤسسات، بما في ذلك ميزانيات التشغيل والميزانيات الرئيسة بالإضافة إلى الميزانيات الثابتة والمرنة.
أما في حالة الحكومات، الميزانية هي خطة مالية تحدد كيف سيتم تحصيل الإيرادات العامة، مثل الضرائب والجمارك، وكيف سيتم إنفاقها على الخدمات العامة والمشاريع الحكومية والمنح ودعم المواطنين والقطاعات المختلفة.
بالنسبة للأفراد، فإنَّ الميزانية الشخصية هي تقدير للدخل والنفقات المتوقعة على مدار فترة زمنية محددة. تساعد الميزانية الشخصية الأفراد على إدارة أموالهم بفاعلية، وعلى تحديد أولويات الإنفاق الشخصي والتخطيط للمستقبل.
أهمية الميزانية للمنشآت والمؤسسات
الميزانية هي أداة أساسية تساعد المؤسسات على التخطيط والتحكم وتحقيق أهدافها المالية والاقتصادية بفاعلية وكفاءة، كما تمثل مرجعًا لاتخاذ قرارات مالية صائبة، وتساهم في تحسين الأداء المالي وتحقق الاستدامة على المدى الطويل.
فيما يلي أهم فوائد الميزانية للمنشآت والمؤسسات:
- تخطيط الموارد المالية: يساعد اعداد ميزانية أي مؤسسة على تخطيط مواردها المالية بناءً على أهدافها واحتياجاتها المستقبلية. من خلال وضع ميزانية محددة، يتم حساب نسب الربح والخسارة، وتحديد كيفية استخدام الموارد المالية بكفاءة تلبي متطلبات الأعمال وتحقق الأهداف الموضوعة.
- تحقيق الأهداف الإستراتيجية: تساهم الميزانية في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسات من خلال توجيه الاستثمارات وتحديد الأولويات. بالتخطيط المالي الجيد، يمكن لأي مؤسسة أن تركز في النشاطات التشغيلية الأكثر إنتاجية، والتي تساهم بشكل أفضل في تحقيق النمو والربحية للمؤسسات.
- تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات: تساعد الميزانية على تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات؛ فمن خلال توزيع الموارد المالية بشكل صحيح ومناسب، يمكن لأي مؤسسة تجنُّب الديون والتأكد من استمرارية عملياتها بصورة تحقق لها النمو على الأمد الطويل.
- تحديد العجز أو الفائض: من خلال اعداد ميزانية، يمكن للمؤسسات التنبؤ بالعجز أو الفائض في التدفقات النقدية. إذا كان هنالك عجز، فيمكن اتخاذ تدابير لتحسين الإيرادات أو تقليل النفقات. وإذا كان هنالك فائض، فيمكن استثماره في توسيع العمليات التجارية أو تحسين البنية التحتية للمنشآت.
- تقييم الأداء المالي: تسمح الميزانية للمؤسسات بتقييم أدائها المالي بانتظام؛ فمن خلال مقارنة النتائج الفعلية بالتوقعات المالية، يمكن تحديد نقاط القوة والضعف في أداء المؤسسات واتخاذ إجراءات تصحيحية عند الحاجة.
- مراقبة الإنفاق: تساعد الميزانية في مراقبة الإنفاق والتأكد من عدم تجاوز الموارد المالية المتاحة، كما تساهم في إنشاء ثقافة تشغيلية تحفز على الاستدامة المالية.
للاستزادة أكثر عن هذه النقاط، كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن إدارة الأموال بطريقة صحيحة، ستجده في هذا الرابط.
العوامل التي يجب مراعاتها عند وضع الميزانية في المؤسسات
على الرغم من أنَّ عملية وضع الميزانية في المؤسسات قد تكون عملية معقدة في الغالب، فإنَّ الميزانية في أبسط صورها تُقارن إيرادات أي مؤسسة بنفقاتها في فترة معينة. عندما تنفق المؤسسة أكثر مما كان مدرجًا في الميزانية، سيكون هنالك عجز في الإيرادات.
وبطبيعة الحال، فإنَّ تحديد المبلغ الذي يجب صرفه على النفقات المختلفة وتوقع المبيعات هو جزء واحد فقط من العملية؛ إذ يتعيَّن أيضًا على المحاسبين ورواد الأعمال التعامل مع عدد لا يحصى من العوامل الأخرى، بما في ذلك النفقات الرأسمالية المتوقعة، وهي عمليات شراء كبيرة للأصول الثابتة، مثل الآلات أو منشأة جديدة. كما يجب عليهم أيضًا التخطيط لاحتياجاتهم النقدية المستمرة، ونقص الإيرادات، والتقلبات الاقتصادية.
بغض النظر عن نوع العمل، فإنَّ القدرة على قياس الأداء باستخدام الميزانيات أمر بالغ الأهمية للصحة المالية العامة للمؤسسة.
أنواع الميزانيات في المؤسسات والشركات
هناك عدة أنواع من الميزانيات التي يمكن استخدامها في الشركات والمؤسسات، والتي تختلف حسب طبيعة النشاط التجاري والأهداف الموضوعة. من بين أنواع الميزانيات الأكثر شيوعًا:
- الميزانية التشغيلية (Operating Budget): هذه الميزانية تركز على تخطيط الإيرادات والنفقات التشغيلية اليومية للمؤسسة خلال فترة زمنية محددة، مثل العام المالي. لإعداد الميزانية التشغيلية، يجب إجراء تحليل مالي للمبيعات المتوقعة وتكاليف الإنتاج والأجور ونفقات التسويق والمصروفات العامة وغيرها من النفقات اليومية. تساعد هذه الميزانية على تحقيق توازن بين الإيرادات والنفقات، مع الحفاظ على استدامة الأنشطة التشغيلية.
- الميزانية الثابتة (Static Budget): هي ميزانية تستند إلى مستوى نشاط ثابت محدد مسبقًا، ولا تتغير مع التغيرات الفعلية في الإيرادات أو النفقات. وهي تُستخدم بشكل شائع في الشركات التي تنتج أو تبيع منتجات أو خدمات لها تكلفة إنتاج ثابتة. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تنتج سيارات، فإنَّ تكلفة إنتاج كل سيارة ستكون ثابتة، بغض النظر عن عدد السيارات التي يتم إنتاجها.
- ميزانية رأس المال (Capital Budget): تركز ميزانية رأس المال – أو الميزانية الرأسمالية – على التخطيط للإنفاق على المشاريع الكبيرة والاستثمارات طويلة الأجل، مثل شراء أصول ثابتة جديدة أو توسيع المرافق. تشمل هذه الميزانية تقدير تكاليف هذه المشاريع وتحديد مصادر التمويل المناسبة لتنفيذها. يتم استخدام الميزانية الرأسمالية لتحديد الاستثمارات الرئيسة التي ستساهم في تطوير المؤسسة وتعزيز قدرتها التنافسية.
- الميزانية التمويلية (Financial Budget): تركز الميزانية التمويلية على التخطيط لجمع وإدارة الموارد المالية للمؤسسة. تشمل هذه الميزانية توقعات التمويل من مصادر مختلفة مثل القروض المصرفية، أو إصدار الأسهم، أو الإيرادات من النشاطات التشغيلية الأخرى. تساعد الميزانية التمويلية على التأكد من توافر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع وتحقيق أهداف المؤسسة.
- الميزانية النقدية (Cash Budget): تركز الميزانية النقدية على التخطيط لتدفقات النقد المستحقة للمؤسسة خلال فترة زمنية محددة. تحدد هذه الميزانية الأوقات التي ستكون فيها المؤسسة بحاجة إلى تدفقات نقدية إضافية لتغطية النفقات المستقبلية، وكيفية إدارة التحويلات المالية بفاعلية لتجنب أي نقص في السيولة النقدية.
- الميزانية الرئيسية (Master Budget): تجمع الميزانية الرئيسية بين جميع أنواع الميزانيات المذكورة أعلاه لتكوِّن خطة مالية شاملة للمؤسسة. تساعد هذه الميزانية في تنسيق وتكامل جميع الجوانب المالية للمؤسسة وتحديد الأهداف الكبرى بشكل متسق مع رؤية الإدارة.
خطوات اعداد ميزانية
يتطلب إعداد ميزانية قوية التخطيط والتحليل الدقيق للبيانات المالية والتوقعات المستقبلية، ستجد أدناه شرحًا مبسطًا لخطوات إعداد ميزانية ناجحة:
- تحديد الأهداف المالية: قبل البدء في إعداد الميزانية، يجب تحديد الأهداف المالية الرئيسة للمؤسسة؛ هل تهدف إلى زيادة الإيرادات؟ أم تقليل التكاليف؟ أم تحقيق مستوى معين من الربحية؟ يساعد تحديد الأهداف بشكل واضح على تخطيط الإستراتيجيات والتركيز على الأولويات.
- جمع البيانات المالية: قم بجمع جميع البيانات المالية اللازمة لإعداد الميزانية، مثل الإيرادات والنفقات والأرباح والديون والأصول والتزامات أخرى. يمكنك الاعتماد على التقارير والحسابات وسندات القبض وغيرها من المصادر المالية للحصول على هذه البيانات.
- تقدير الإيرادات المستقبلية: قم بتقدير الإيرادات المستقبلية بناءً على المعرفة الحالية للسوق الذي تنشط فيه المؤسسة، وتحليل الاتجاهات والمبيعات المتوقعة. استخدم بيانات فترات سابقة للتنبؤ بالإيرادات المحتملة والتأكد من أنَّ التوقعات واقعية.
- تحليل التكاليف والنفقات: قم بتحليل التكاليف والنفقات التي تتعلق بنشاطات المؤسسة. قم بتقدير التكاليف الثابتة والمتغيرة والنفقات العامة والتشغيلية. يمكن أن تشمل التكاليف أو النفقات الأخرى المتوقعة مثل الإعلانات والتسويق والأجور والضرائب والتأمين.
- وضع خطط للإدارة المالية: قم بوضع خطط لإدارة الموارد المالية للمؤسسة، وحدد كيفية توزيع الموارد المالية بين المشاريع المختلفة وكيفية تحسين السيولة النقدية. احرص على تخصيص الأموال بناءً على الأولويات، وقم بتوجيهها نحو المشاريع التي تساهم في تحقيق الأهداف بناءً على النتائج التي تجدها في التقارير المحاسبية لمنشأتك.
- تتبع ومراقبة الأداء: بمجرد إعداد الميزانية وبدء التنفيذ، تأكد من تتبع ومراقبة الأداء المالي بانتظام. قم بمقارنة الأداء الفعلي بالأداء المتوقع في الميزانية، وحدد وحلل الاختلافات. يمكنك إجراء تعديلات وتحسينات في الخطط عند الحاجة.
- إعادة التقييم والتحسين: الميزانية عملية مستمرة تحتاج إلى إعادة تقييم وتحسين بشكل دوري. استند إلى البيانات المالية الجديدة ومعلومات السوق لتحديث وضبط الميزانية لتلبي احتياجات المؤسسة بفاعلية.
أسئلة شائعة
-
من المسؤول عن إعداد الميزانية؟
غالباً ما يكون مدير الشؤون المالية أو مدير قسم المحاسبة، أو أي شخص آخر لديه الخبرة والمهارات اللازمة لإعداد الميزانية.
-
ما هي التحديات التي قد تعرقل إعداد الميزانية؟
هناك العديد من التحديات التي تواجه إعداد الميزانية، نذكر منها:
- عدم توفر بيانات مالية دقيقة.
- عدم دقة التقديرات المالية.
- عدم القدرة على الالتزام بالميزانية.
- التغييرات الحاصلة في الظروف الاقتصادية وظروف السوق.
- التغييرات في إستراتيجية المؤسسة.
-
ما هي الأدوات التي يمكن استخدامها في إعداد الميزانية؟
يوجد العديد من الأدوات التي يمكن استخدامها في إعداد الميزانية، منها:
- البرامج المحاسبية.
- جداول البيانات.
- الأوراق المالية.
- التقارير المالية.
-
هل يمكن تحديث الميزانية خلال العام المالي؟
نعم، يمكن تحديث الميزانية خلال العام المالي. في الواقع، إنَّ تحديث الميزانية خلال العام المالي هو الأمر الطبيعي والضروري للتأكد من دقة التوقعات المالية وتحديثها بناءً على المتغيرات والتطورات الحالية.
عادةً، يتم تحديث الميزانية بشكل دوري ومنتظم، على سبيل المثال كل ربع أو نصف سنة. هذا يسمح للمؤسسة بالتعامل مع التحديات والفرص الجديدة بفاعلية، لتظل مرنة ومتكيفة مع تغيرات السوق والظروف الاقتصادية.
في الختام
إنَّ اعداد ميزانية أمر في غاية الأهمية لضمان نجاح المؤسسات وتحقيق أهدافها المالية، وبغض النظر إن كنت محاسبًا أم رائد أعمال؛ فإنَّك من خلال اتباع الخطوات المذكورة في هذا المقال، ستتمكن من إعداد ميزانية دقيقة وفعالة تحقق الاستقرار المالي لمؤسستك.
ولكي تتمكن من ذلك بأكبر قدرٍ من السهولة، جهزت لكَ فوم برنامج محاسبة سحابيًّا يمكِّن المحاسبين ورواد الأعمال من القيام بذلك بطريقة سهلة في أي وقت، ومن أي مكان.
برنامج فوم السحابي معتمد من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية، لذا يقدم أفضل الميزات لك خاصة، فلا تتردد باستكشافها، قدِّم عليه الآن، واحصل على خصم 90٪ لمدة 6 أشهر، دون أي تكاليف تُذكر.